القيادية التي كانت الحرية معبدها..سوسن بيرهات

طهرت الثورية والمقاتلة الرائدة سوسن بيرهات قلبها كالبحر بنيران الحرية، نمت كزهرة ربيع على أرض كردستان، ناضلت وحاربت حتى الرمق الأخير لتتمكن من إهداء مستقبل آمن لهذه الأرض.

إن السير في سبيل الحرية في هذه البلاد يعني ارتداء الإنسان لزي من النار، والتضحية بالنفس في سبيل هذه الأرض يعني الوصول لقمة الكرامة والحقيقة.

يغطي الأعداء في وطننا في كردستان على الحقيقة، لذلك كان أولئك الذين يفتحون أعينهم على الحياة على هذه الأرض محرومون من حقيقة الوجود وهوياتهم، ولكن ظهرت الحقيقة التي كانت مخفية على مدار مئات السنين مع شروق شمس الحرية القائد آبو مرة أخرى على مسرح التاريخ، بلا شك سار هؤلاء الذين ينبض حياتهم من أجل الحقيقة والحرية على خطاه.

لقد أصبح تاريخ كردستان تاريخ الأبطال، ويسير كل جيل جديد يخرج على قصص هؤلاء الأبطال، وكانت سوسن بيرهات أيضاً إحدى تلك البطلات حيث أصبحت عاشقة لقضية حرية الوطن وخطت خطوات كبيرة دون تردد للسير على طريق الحرية ووصلت بجذورها للقمة.

اتحدت سوسن محمد باسم سوسن بيرهات مع نار الحرية لتصبح سائرة على خطى أبطال وطنها، ولتصبح شمعة تنير طريق أبناء وطنها، فتحت سوسن في 10 تشرين الأول عام 1976 في مدينة عفرين الجميلة في كنف عائلة مكونة من ستة أخوات عينها على الحياة وترعرعت على القيم المقدسة للوطنية، جعلت عفرين المدينة المعروفة بثقافتها وطبيعتها أهل مهدها يعشقون جمال البلاد، لذلك أصبحت عاشقة لأرضها منذ طفولتها، وفي الوقت ذاته كانت عائلة سوسن ذات عدد من الشهداء، تعرفت سوسن منذ طفولتها على حركة الحرية، تمركزت عام 1996 بشكل متواصل في النشاطات التنظيمية، وكانت دائماً ضمن أبحاث لتطوير خط حرية المرأة، وأصبحت القيادية سوسن ذات كفاح فريد من نوعه  بهدف تنظيم مجتمع أخلاقي وسياسي وتمركزت مع انطلاق ثورة حرية روج آفا بشكل فعّال ضمن صفوف الحرب الحامية، وأصبحت ذات جهد عظيم خلال مرحلة تنظيم الشعب، ولعبت دور القيادة في كافة حملات الحرية وخاضت حرب صعبة ضد القوى الظلامية المرتزقة، لعبت القيادية سوسن دور القيادة كقيادية رائدة  ماهرة خلال حرب الحرية  في حي ( شيخ مقصود ) التي تُعرف كأول مثال على " حرب الشعب الثوري " ودافعت عن أرضها حتى النهاية، عندما يتم الحديث عن مقاومة شيخ مقصود أول ذي بدء وقبل أي شيء تخطر القيادية سوسن على مخيلة الإنسان، وقد تركت كفاح سوسن حتى يومنا هذا أيضاً بشكل لا يمكن نسيانه الأثر في شوارع حلب.

القيادية  التي طهرت روحها بفلسفة القائد عبدالله أوجلان

إن الحرب التي تخاض هو حرب النور ضد ظلام، حرب الخير ضد الشر، حرب الكرامة ضد الخيانة وقذارة العصر، وكانت سوسن إحدى قياديات هذا الحرب، لقد وحدت روحها وعقلها مع نضال الحرية وحولت كل لحظاتها لنضال، فحركة الحرية حركة تبقى بكفاحها، نضالها وشغفها على أقدامها، والأشخاص الذين يتمركزون ضمن هذه الحركة أيضاً يكبرون بالكفاح اليومي، وكانت سوسن إحدى المحبات للكفاح، وسطرت بنضالها العظيم اسمها في تاريخ هذا النضال، هناك تعريف للقائد عبدالله أوجلان يقول " من يحارب يتحرر، ومن يتحرر يصبح جميلاً ومن يصبح جميلاً يصبح محباً "، لقد أصبح هذا التعريف قانوناً بالنسبة لسوسن حيث كانت تُنقش يومياً حياتها على الحياة، وملئت كل لحظة من حياتها بالقيم والمعنى، عندما كان الإنسان ينظر لوجه سوسن كان يرى القوة، الأمل والجمال، وغني عن القول أن اسمها مرادف للعمل الجاد والتضحية والقيمة، كانت تحب سوسن بيرهات الحياة كثيراً، لأنها كانت تعرف إن الثوريين يعيشون من أجل حياة ذات معنى، وكانت تجمل حياتها بشكل يومي، يجب أن تصبح الحياة ذات هدف، الحياة ذات إرادة وشغف، محبوبة، وكانت هي أيضاً تناضل في سبيل هذه الحياة وكانت تصبح بحبها هذا مصدراً للإرادة والحياة لجميع المقاتلين ورفاقها.

كان الهجوم ضد القيادية سوسن انتقام لهزيمة داعش

عندما هاجمت المرتزقة الوحشية اللاإنسانية غرب كردستان بإذن وموافقة الدولة التركية الفاشية القاتلة، كان من المخطط أن تسقط مواقع المقاومة في روج آفا واحداً تلو الآخر مثل تلك الموجودة في المناطق الأخرى وبالتالي تصبح سيادة المرتزقة الظلامية مهيمنة في المنطقة، ولكن لم تحقق المرتزقة، بقيادة الأبطال مثل سوسن والآلاف من مقاتلي الحرية فقط هدفها بل تم تحرير الأرض المحتلة شبراً شبراً، بالإضافة إلى ذلك تقدم المقاتلون إلى مركز داعش وتم تحرير كافة الأماكن، الدولة الفاشية التي لم تتحمل هذا النصر دخلت مرة أخرى في مخططات قذرة جديدة، و تستهدف القادة والثوار والوطنيين وقادة المجتمع للانتقام لهزيمة مرتزقة داعش، تم استهداف القيادية سوسن برفقة رفاقها ريناس آمد، عكيد كركي لكي، روبار حسكة وصفوالله أحمد في 19 آب 2021 بشكل غادر، وتمركزت سوسن بقصتها المليئة بالمقاومة، النضال وعشقها للحرية بشكل دائم في قلوب جميع رفاقها وشعبها ويعد مقاتلي الحرية بشكل يومي على خطاها وعد رفع مستوى قضية الحرية والانتقام.